للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالاضطرار من دين الإسلام. ولهذا تجد عامة من ظهر عليه شيء من هذه الأقوال، فإنه يتبين أنه زنديق، وعامة الزنادقة إنما يستترون بمذهبهم، وقد ظهرت لله فيهم مثلات، وتواتر النقل بأن وجوههم تمسخ خنازير في المحيا والممات، وجمع العلماء ما بلغهم في ذلك، وممن صنف فيه الحافظ الصالح أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي كتابه في النهي عن سب الأصحاب، وما جاء فيه من الإثم والعقاب.

وبالجملة فمن أصناف السابة من لا ريب في كفره، ومنهم من لا يحكم بكفره، ومنهم من تردد فيه. (١)

- وقال شيخ الإسلام رحمه الله: والقائلون بوحدة الوجود حقيقة قولهم هو قول ملاحدة الدهرية الطبيعية الذين يقولون: ما ثم موجود إلا هذا العالم المشهود، وهو واجب بنفسه. وهو القول الذي أظهره فرعون، لكن هؤلاء ينازعون أولئك في الاسم، فأولئك يسمون هذا الموجود بأسماء الله، وهؤلاء لا يسمونه بأسماء الله، وأولئك يحسبون أن الإله الذي أخبرت عنه الرسل هو هذا الموجود، وأولئك لا يقولون هذا، وأولئك لهم توجه إلى الوجود المطلق، وأولئك ليس لهم توجه إليه. وفساد قول هؤلاء يعرف بوجوه منها: العلم بما يشاهد حدوثه كالمطر والسحاب والحيوان والنبات والمعدن، وغير ذلك من الصور والأعراض، فإن هذه يمتنع أن يكون وجودها واجبا لكونها كانت معدومة، ويمتنع أن تكون ممتنعة لكونها وجدت. فهذه مما يعلم بالضرورة أنها ممكنة، ليست واجبة ولا ممتنعة. (٢)


(١) الصارم المسلول (٥٩٠ - ٥٩١).
(٢) درء التعارض (٣/ ١٦٣ - ١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>