للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وقال: وكلام ابن عربي صاحب 'فصوص الحكم'، وأمثاله من الاتحادية القائلين بوحدة الوجود، يدور على ذلك لمن فهمه، ولكن يسمون هذا العالم الله. فمذهبهم في الحقيقة مذهب المعطلة، كفرعون وأمثاله، ولكن هؤلاء يطلقون عليه هذا الاسم، بخلاف أولئك. وأيضا فقد يكون جهال هؤلاء وعوامهم يعتقدون أنهم يثبتون خالقا مباينا للمخلوق، مع قولهم بالوحدة والاتحاد، كما رأينا منهم طوائف، مع ما دخلوا فيه من العلم والدين، لا يعرفون حقيقة مذهب هؤلاء، لما في ظاهره من الإقرار بالصانع ورسله ودينه. وإنما يعرف ذلك من كان ذكيا خبيرا بحقيقة مذهبهم، ومن كان كذلك فهو أحد رجلين: إما مؤمن عليم، علم أن هذا يناقض الحق، وينافي دين الإسلام؛ فذمهم وعاداهم. وإما زنديق منافق، علم حقيقة أمرهم، وأظهر ما يظهرون، وكان من أئمتهم. فهذا وأمثاله من جنس آل فرعون، الذين جعلوا أئمة يدعون إلى النار. والأول من أتباع الرسل والأنبياء، كآل إبراهيم، الذين جعلهم الله أئمة يهدون بأمره. (١)

- وقال: ومثل هذا القانون الذي وضعه هؤلاء -أي الأشاعرة- يضع كل فريق لأنفسهم قانونا فيما جاءت به الأنبياء عن الله، فيجعلون الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه هو ما ظنوا أن عقولهم عرفته، ويجعلون ما جاءت به الأنبياء تبعا له؛ فما وافق قانونهم قبلوه، وما خالفه لم يتبعوه. وهذا يشبه ما وضعته النصارى من أمانتهم التي جعلوها عقيدة إيمانهم، وردوا نصوص التوراة والإنجيل إليها، لكن تلك الأمانة اعتمدوا فيها على ما فهموه من


(١) درء التعارض (٨/ ٢٤٣ - ٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>