للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثرتها واضطرابها. (١)

- وقال: فالبدع الكثيرة التي حصلت في المتأخرين من العباد والزهاد والفقراء والصوفية، لم يكن عامتها في زمن التابعين وتابعيهم، بخلاف أقوال أهل البدع القولية فإنها ظهرت في عصر الصحابة والتابعين، فعلم أن الشبهة فيها أقوى وأهلها أعقل، وأما بدع هؤلاء فأهلها أجهل وهم أبعد عن متابعة الرسول. ولهذا يوجد في هؤلاء من يدعي الإلهية والحلول والاتحاد، ومن يدعي أنه أفضل من الرسول وأنه مستغن عن الرسول، وأن لهم إلى الله طرقا غير طريق الرسول، وهذا ليس من جنس بدع المسلمين، بل من جنس بدع الملاحدة من المتفلسفة ونحوهم، وأولئك قد عرف الناس أنهم ليسوا مسلمين، وهؤلاء يدعون أنهم أولياء الله مع هذه الأقوال التي لا يقولها إلا من هو أكفر من اليهود والنصارى، وكثير منهم أو أكثرهم لا يعرف أن ذلك مخالفة للرسول، بل عند طائفة منهم أن أهل الصفة قاتلوا الرسول وأقرهم على ذلك، وعند آخرين أن الرسول أمر أن يذهب ليسلم عليهم ويطلب الدعاء منهم، وأنهم لم يأذنوا له وقالوا: اذهب إلى من أرسلت إليهم، وأنه رجع إلى ربه فأمره أن يتواضع ويقول: خويدمكم جاء ليسلم عليكم، فجبروا قلبه وأذنوا له بالدخول. فمع اعتقادهم هذا الكفر العظيم الذي لا يعتقده يهودي ولا نصراني يقر بأنه رسول الله إلى الأميين، يقولون: إن الرسول أقرهم على ذلك واعترف به، واعترف أنهم خواص الله، وأن الله يخاطبهم بدون الرسول، لم يحوجهم إليه كبعض خواص الملك مع وزرائه، ويحتجون بقصة الخضر مع


(١) مجموع الفتاوى (١٩/ ٢٣٢ - ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>