للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طرفين ووسط: فالقدرية من المعتزلة وغيرهم قصدوا تعظيم الرب وتنزيهه عما ظنوه قبيحا من الأفعال وظلما، فأنكروا عموم قدرته ومشيئته، ولم يجعلوه خالقا لكل شيء، ولا أنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، بل قالوا: يشاء ما لا يكون، ويكون ما لا يشاء، ثم إنهم وضعوا لربهم شريعة فيما يجب عليه ويحرم بالقياس على أنفسهم، وتكلموا في التعديل والتجويز بهذا القياس الفاسد الذي شبهوا فيه الخالق بالمخلوق، فضلوا وأضلوا.

وقابلهم الجهمية الغلاة في الجبر، فأنكروا حكمة الله ورحمته، وقالوا: لم يخلق لحكمة، ولم يأمر بحكمة، وليس في القرآن "لام كي" لا في خلقه ولا في أمره. وزعموا أن قوله: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (١) و {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (٢) وقوله: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (٣١)} (٣) وقوله: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} (٤) وقوله: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} (٥) -وأمثال ذلك- إنما اللام فيه لام العاقبة كقوله:


(١) الجاثية الآية (١٣).
(٢) البقرة الآية (٢٩).
(٣) النجم الآية (٣١).
(٤) البقرة الآية (١٨٥).
(٥) النساء الآية (١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>