أقواله المخالفين لما خالفها إلى ترك التعظيم، وأي إخلال بتعظيم، وأي تنقص فوق من عزل كلام الرسول عن إفادة اليقين، وقدم عليه آراء الرجال، وزعم أن العقل يعارض ما جاء به، وأن الواجب تقديم المعقول، وآراء الرجال على قوله. (١)
- إلى أن قال: أن هذا الذي يفعله عباد القبور من المقاصد والوسائل ليس بتعظيم، فإن التعظيم محله القلب واللسان والجوارح، وهم أبعد الناس منه، فالتعظيم بالقلب ما يتبع اعتقاد كونه رسولاً من تقديم محبته على النفس والولد والوالد والناس أجمعين ويصدق هذه المحبة أمران.
أحدهما: تجريد التوحيد، فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان أحرص الخلق على تجريده حتى قطع أسباب الشرك ووسائله من جميع الجهات، ونهى عن عبادة الله بالتقرب إليه بالنوافل من الصلوات في الأوقات التي يسجد فيها عباد الشمس لها، بل قبل ذلك الوقت بعد أن تصلى الصبح والعصر لئلا يتشبه الموحدون بهم في وقت عبادتهم، ونهى أن يقال: ما شاء الله وشاء فلان؛ ونهى أن يحلف بغير الله، وأخبر أن ذلك شرك ونهى أن يصلى إلى القبر، أو يتخذ مسجداً، أو عيداً، أو يوقد عليها سراج، وذم من شرك بين اسمه واسم ربه تعالى في لفظ واحد، فقال له: بئس الخطيب أنت، بل مدار دينه على هذا الأصل الذي هو قطب رحى النجاة، ولم يقرر أحد ما قرره - صلى الله عليه وسلم - بقوله وفعله وهديه، وسد الذرائع المنافية له، فتعظيمه - صلى الله عليه وسلم - بموافقته على ذلك لا بمناقضته فيه.