للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وقال بعد كلام في الجوع والسهر في ترجمة أحمد بن أبي الحواري: الطريقة المثلى هي المحمدية وهو الأخذ من الطيبات، وتناول الشهوات المباحة من غير إسراف كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} (١). وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لكني أصوم وأفطر وأقوم وأنام وآتي النساء وآكل اللحم فمن رغب عن سنتي فليس مني» (٢) فلم يشرع لنا الرهبانية ولا التمزق ولا الوصال بل ولا صوم الدهر، ودين الإسلام يسر وحنيفية سمحة، فليأكل المسلم من الطيب إذا أمكنه كما قال تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} (٣). وقد كان النساء أحب شيء إلى نبينا - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك اللحم والحلواء والعسل والشراب الحلو البارد والمسك، وهو أفضل الخلق وأحبهم إلى الله تعالى.

ثم العابد العري من العلم متى زهد وتبتل وجاع وخلا بنفسه وترك اللحم والثمار واقتصر على الدقة والكسرة صفت حواسه ولطفت، ولازمته خطرات النفس، وسمع خطابا يتولد من الجوع والسهر لا وجود لذلك الخطاب -والله- في الخارج وولج الشيطان في باطنه، وخرج فيعتقد أنه قد وصل وخوطب وارتقى، فيتمكن منه الشيطان ويوسوس له، فينظر إلى المؤمنين بعين الازدراء ويتذكر ذنوبهم وينظر إلى نفسه بعين الكمال، وربما آل


(١) المؤمنون الآية (٥١).
(٢) أحمد (٣/ ٢٨٥) والبخاري (٩/ ١٢٩/٥٠٦٣) ومسلم (٢/ ١٠٢٠/١٤٠١) والنسائي (٦/ ٣٦٨ - ٣٦٩/ ٣٢١٧) من حديث أنس. وليس عند البخاري ذكر أكل اللحم وعند الباقين ذكره في كلام النفر.
(٣) الطلاق الآية (٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>