به الأمر إلى أن يعتقد أنه ولي صاحب كرامات وتمكن، وربما حصل له شك، وتزلزل إيمانه، فالخلوة والجوع أبو جاد الترهب، وليس ذلك من شريعتنا في شيء، بلى، السلوك الكامل هو الورع في القوت، والورع في المنطق وحفظ اللسان، وملازمة الذكر، وترك مخالطة العامة، والبكاء على الخطيئة والتلاوة بالترتيل والتدبر، ومقت النفس وذمها في ذات الله، والإكثار من الصوم المشروع، ودوام التهجد، والتواضع للمسلمين، وصلة الرحم والسماحة وكثرة البشر، والانفاق مع الخصاصة، وقول الحق المر برفق وتؤدة، والأمر بالعرف والأخذ بالعفو والإعراض عن الجاهلين، والرباط بالثغر، وجهاد العدو، وحج البيت، وتناول الطيبات في الأحايين، وكثرة الاستغفار في السحر، فهذه شمائل الأولياء وصفات المحمديين أماتنا الله على محبتهم. (١)
- قال رحمه الله في ترجمة الأنصاري كما في السير: قد انتفع به خلق وجهل آخرون، فإن طائفة من صوفة الفلسفة والاتحاد يخضعون لكلامه في منازل السائرين وينتحلونه ويزعمون أنه موافقهم. كلا بل هو رجل أثري لهج بإثبات نصوص الصفات، منافر للكلام وأهله جدا، وفي منازله إشارات إلى المحو والفناء، وإنما مراده بذلك الفناء، هو الغيبة عن شهود السوى ولم يرد محو السوى في الخارج، وياليته لا صنف ذلك، فما أحلى تصوف الصحابة والتابعين؛ ما خاضوا في هذه الخطرات والوساوس، بل عبدوا الله وذلوا له، وتوكلوا عليه وهم من خشيته مشفقون، ولأعدائه مجاهدون، وفي الطاعة مسارعون، وعن اللغو معرضون، والله يهدي من يشاء إلى صراط