للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الله تعالى: {هذا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (٤١)} (١).اهـ (٢)

- وقال: ولما كان طالب الصراط المستقيم طالب أمر أكثر الناس ناكبون عنه، مريدا لسلوك طريق مرافقه فيها في غاية القلة والعزة. والنفوس مجبولة على وحشة التفرد، وعلى الأنس بالرفيق، نبه الله سبحانه على الرفيق في هذه الطريق، وأنهم هم الذين: {أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (٣). فأضاف الصراط إلى الرفيق السالكين له. وهم الذين أنعم الله عليهم، ليزول عن الطالب للهداية وسلوك الصراط وحشة تفرده عن أهل زمانه وبني جنسه، وليعلم أن رفيقه في هذا الصراط هم الذين أنعم الله عليهم. فلا يكترث بمخالفة الناكبين عنه له. فإنهم هم الأقلون قدرا، وإن كانوا الأكثرين عددا، كما قال بعض السلف: عليك بطريق الحق، ولا تستوحش لقلة السالكين. وإياك وطريق الباطل، ولا تغتر بكثرة الهالكين (٤). وكلما استوحشت في تفردك فانظر إلى الرفيق السابق. واحرص على اللحاق بهم. وغض الطرف عمن سواهم. فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا. وإذا صاحوا بك في طريق سيرك، فلا تلتفت إليهم. فإنك متى التفت إليهم أخذوك وعاقوك. وقد ضربت لذلك مثلين. فليكونا منك على بال:


(١) الحجر الآية (٤١).
(٢) مدارج السالكين (١/ ١٤ - ١٥).
(٣) النساء الآية (٦٩).
(٤) تقدم من قول الفضيل بن عياض رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>