كثير وهم متوافرون. فما منهم من استغاث عند قبر صاحب، ولا دعاه، ولا دعا به، ولا دعا عنده، ولا استسقى به، ولا استنصر به، ومن المعلوم أن مثل هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، بل على نقل ما هو دونه.
وحينئذ، فلا يخلو إما أن يكون الدعاء عندها والدعاء بأربابها أفضل منه في غير تلك البقعة، أو لا يكون، فإن كان أفضل، فكيف خفي علما وعملا على الصحابة والتابعين وتابعيهم؟ فتكون القرون الثلاثة الفاضلة جاهلة بهذا الفضل العظيم، وتظفر به الخلوف علما وعملا؟ ولا يجوز أن يعلموه ويزهدوا فيه، مع حرصهم على كل خير، لا سيما الدعاء، فإن المضطر يتشبت بكل سبب، وإن كان فيه كراهة، فكيف يكونون مضطرين في كثير من الدعاء، وهم يعلمون فضل الدعاء عند القبور، ثم لا يقصدونه؟ هذا محال طبعا وشرعا.
فتعين القسم الآخر. وهو أنه لا فضل للدعاء عندها، ولا هو مشروع، ولا مأذون فيه بقصد الخصوص، بل تخصيصها بالدعاء عندها ذريعة إلى ما تقدم من المفاسد. ومثل هذا مما لا يشرعه الله ورسوله ألبتة، بل استحباب الدعاء عندها شرع عبادة لم يشرعها الله. ولم ينزل بها سلطانا. وقد أنكر الصحابة ما هو دون هذا بكثير. (١)
وقال: ومن أعظم كيد الشيطان: أنه ينصب لأهل الشرك قبر معظم يعظمه الناس، ثم يجعله وثنا يعبد من دون الله، ثم يوحي إلى أوليائه: أن من نهى عن عبادته واتخاذه عيدا وجعله وثنا فقد تنقصه، وهضم حقه، فيسعى