وأخبر أنها من أهل الجحيم خالدة مخلدة لا يغفر الله لها وأنها شر من الحمير، بل هي شر الدواب عند الله. (١)
- وقال رحمه الله: وكيف ينكر لأمة أطبقت على صلب معبودها وإلهها ثم عمدت إلى الصليب فعبدته وعظمته، وكان ينبغي لها أن تحرق كل صليب تقدر على إحراقه، وأن تهينه غاية الإهانة إذ صلب عليه إلهها الذي يقولون تارة: إنه الله، وتارة يقولون إنه ابنه، وتارة يقولون ثالث ثلاثة، فجحدت حق خالقها وكفرت به أعظم كفر وسبته أقبح مسبة، أن تجحد حق عبده ورسوله وتكفر به، وكيف يكثر على أمة قالت في رب الأرض والسموات أنه ينزل من السماء ليكلم الخلق بذاته لئلا يكون لهم حجة عليه، فأراد أن يقطع حجتهم بتكليمه لهم بذاته لترتفع المعاذير عمن ضيع عهده بعد ما كلمه بذاته فهبط بذاته من السماء، والتحم في بطن مريم، فأخذ منها حجابا، وهو مخلوق من طريق الجسم، وخالق من طريق النفس، وهو الذي خلق جسمه وخلق أمه، وأمه كانت من قبله بالناسوت، وهو كان من قبلها باللاهوت، وهو الإله التام والإنسان التام، ومن تمام رحمته تبارك وتعالى على عباده أنه رضي بإراقة دمه عنهم على خشبة الصليب، فمكن أعداءه اليهود من نفسه ليتم سخطه عليهم، فأخذوه وصلبوه وصفعوه وبصقوا في وجهه، وتوجوه بتاج من الشوك على رأسه، وغار دمه في أصبعه لأنه لو وقع منه شيء إلى الأرض ليبس كلما كان على وجهها، فنبت في موضع صلبه النوار، ولما لم يكن في الحكمة الأزلية أن ينتقم الله من عبده العاصي الذي ظلمه أو