للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استهان بقدره لاعتلاء منزلة الرب وسقوط منزلة العبد، أراد سبحانه أن ينتصف من الإنسان الذي هو إله مثله، فانتصف من خطيئة آدم بصلب عيسى المسيح الذي هو إله مساو له في الإلهية، فصلب ابن الله الذي هو الله في الساعة التاسعة من يوم الجمعة، هذه ألفاظهم في كتبهم؟ فأمة أطبقت على هذا في معبودها، كيف يكثر عليها أن تقول في عبده ورسوله أنه ساحر وكاذب وملك مسلط ونحو هذا؟. (١)

- وقال: فيا معشر المثلثة وعباد الصليب، أخبرونا من كان الممسك للسماوات والأرض حين كان ربها وخالقها مربوطا على خشبة الصليب، وقد شدت يداه ورجلاه بالحبال وسمرت اليد التي أتقنت العوالم، فهل بقيت السماوات والأرض خلوا من إلهها وفاطرها وقد جرى عليه هذا الأمر العظيم؟ أم تقولون استخلف على تدبيرها غيره وهبط عن عرشه لربط نفسه على خشبة الصليب وليذوق حر المسامير وليوجب اللعنة على نفسه حيث قال في التوراة: ملعون من تعلق بالصليب. أم تقولون: كان هو المدبر لها في تلك الحال، فكيف وقد مات ودفن؟ أم تقولون -وهو حقيقة قولكم- لا ندري، ولكن هذا في الكتب وقد قاله الآباء وهم القدوة، والجواب عليهم، فنقول لكم وللآباء معاشر المثلثة عباد الصليب، ما الذي دلكم على إلهية المسيح؟ فإن كنتم استدللتم عليها بالقبض من أعدائه عليه وسوقه إلى خشبة الصليب وعلى رأسه تاج من الشوك وهم يبصقون في وجهه ويصفعونه ثم أركبوه ذلك المركب الشنيع، وشدوا يديه ورجليه بالحبال، وضربوا فيها


(١) هداية الحيارى (ص ٤٨ - ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>