كبا، وصبر في مدته من مدى العدى على وقع الشبا، وأكثر في الإنفاق فما قلل حتى تخلل بالعبا.
تالله لقد زاد على السبك في كل دينار دينار {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ}.
من كان قرين النبي في شبابه؟ من ذا الذي سبق إلى الإيمان من أصحابه؟ من الذي أفتى بحضرته سريعا في جوابه؟ من أول من صلى معه؟ من آخر من صلى به؟ من الذي ضاجعه بعد الموت في ترابه؟ فاعرفوا حق الجار.
نهض يوم الردة بفهم واستيقاظ، وأبان من نص الكتاب معنى دق عن حديد الألحاظ. فالمحب يفرح بفضائله والمبغض يغتاظ. حسرة الرافضي أن يفر من مجلس ذكره، ولكن أين الفرار؟.
كم وقى الرسول بالمال والنفس، وكان أخص به في حياته وهو ضجيعه في الرمس. فضائله جلية وهي خلية عن اللبس، يا عجبا، من يغطي عين ضوء الشمس في نصف النهار، لقد دخلا غارا لا يسكنه لابث، فاستوحش الصديق من خوف الحوادث، فقال الرسول: ما ظنك باثنين والله الثالث (١). فنزلت السكينة فارتفع خوف الحادث. فزال القلق وطاب عيش الماكث. فقام مؤذن النصر ينادي على رؤوس منائر الأمصار {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ}.
(١) ثبت هذا عند أحمد (١/ ٤) والبخاري (٧/ ١٠/٣٦٥٣) ومسلم (٤/ ١٨٥٤/٢٣٨١) والترمذي (٥/ ٢٦٠/٣٠٩٦) من رواية أنس عن أبي بكر رضي الله عنهما.