العقل يجب أو يسوغ تأويله كالوجه واليد والضحك والفرح والغضب والرضى. فإن الفعل المحكم دل على قدرة الفاعل، وإحكامه دل على علمه. والتخصيص دل على الإرادة، فيمتنع مخالفة ما دل عليه صريح العقل.
قيل لك أولا، وكذلك الإنعام والإحسان وكشف الضر وتفريج الكربات دل على الرحمة كدلالة التخصيص على الإرادة سواء. والتخصيص بالكرامة، والاصطفاء، والاجتباء، دال على المحبة كدلالة ما ذكرت على الإرادة. والإهانة، والطرد، والإبعاد، والحرمان دال على المقت والبغض، كدلالة ضده على الحب والرضى.
والعقوبة، والبطش، والانتقام دال على الغضب كدلالة ضده على الرضى.
ويقال ثانيا: هب أن العقل لا يدل على إثبات هذه الصفات التي نفيتها، فإنه لا ينفيها. والسمع دليل مستقل بنفسه، بل الطمأنينة إليه في هذا الباب أعظم من الطمأنينة إلى مجرد العقل، فما الذي يسوغ لك نفي مدلوله.
ويقال لك ثالثا: إن كان ظاهر النصوص يقتضي تشبيها أو تجسيما فهو يقتضيه في الجميع، فأول الجميع، وإن كان لا يقتضي ذلك لم يجز تأويل شيء منه، وإن زعمت أن بعضها يقتضيه وبعضها لا يقتضيه، طولبت بالفرق بين الأمرين وعادت المطالبة جذعا.
ولما تفطن بعضهم لتعذر الفرق قال: ما دل عليه الإجماع كالصفات السبع لا يتأول وما لم يدل عليه إجماع فإنه يتأول. وهذا كما تراه من أفسد الفروق، فإن مضمونه أن الإجماع أثبت ما يدل على التجسيم والتشبيه،