للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولولا ذلك لتأولناه، فقد اعترفوا بانعقاد الإجماع على التشبيه والتجسيم.

وهذا قدح في الإجماع، فإنه لا ينعقد على باطل.

ثم يقال: إن كان الإجماع قد انعقد على إثبات هذه الصفات -وظاهرها يقتضي التجسيم والتشبيه- بطل نفيكم لذلك، وإن لم ينعقد عليها بطل التفريق به.

ثم يقال: خصومكم من المعتزلة لم يجمعوا معكم على إثبات هذه الصفات، فإن قلتم: انعقد الإجماع قبلهم. قيل: صدقتم والله. والذين أجمعوا قبلهم على هذه الصفات، أجمعوا على إثبات سائر الصفات، ولم يخصوها بسبع، بل تخصيصها بسبع خلاف قول السلف، وقول الجهمية والمعتزلة، فالناس كانوا طائفتين سلفية وجهمية، فحدثت الطائفة السبعية واشتقت قولا بين القولين فلا للسلف اتبعوا ولا مع الجهمية بقوا. (١)

- وقال: وحقيقة الأمر أن كل طائفة تتأول ما يخالف نحلتها ومذهبها، فالعيار على ما يتأول، وما لا يتأول هو المذهب الذي ذهبت إليه، والقواعد التي أصلتها فما وافقها أقروه ولم يتأولوه وما خالفها فإن أمكنهم دفعه وإلا تأولوه. ولهذا لما أصلت الرافضة عداوة الصحابة ردوا كل ما جاء في فضائلهم والثناء عليهم أو تأولوه. ولما أصلت الجهمية أن الله لا يتكلم ولا يكلم أحدا، ولا يرى بالأبصار، ولا هو فوق عرشه مبائن لخلقه، ولا له صفة تقوم به، أولوا كل ما خالف ما أصلوه. (٢)


(١) الصواعق المرسلة (١/ ٢٢٠ - ٢٢٦).
(٢) الصواعق المرسلة (١/ ٢٣٠ - ٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>