للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباطل قليل، لقوله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} (١)، وقوله تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (١٣)} (٢)، ولينجز الله ما وعد به نبيه - صلى الله عليه وسلم - من عود وصف الغربة إليه، فإن الغربة لا تكون إلا مع فقد الأهل أو قلتهم، وذلك حين يصير المعروف منكرا والمنكر معروفا، وتصير السنة بدعة والبدعة سنة، فيقام على أهل السنة بالتثريب والتعنيف كما كان أولا يقام على أهل البدعة، طمعا من المبتدع أن تجتمع كلمة الضلال؛ ويأبى الله أن تجتمع حتى تقوم الساعة، فلا تجتمع الفرق كلها -على كثرتها- على مخالفة السنة عادة وسمعا، بل لا بد أن تثبت جماعة أهل السنة حتى يأتي أمر الله، غير أنهم -لكثرة ما تناوشهم الفرق الضالة وتناصبهم العداوة والبغضاء، استدعاء إلى موافقتهم- لا يزالون في جهاد ونزاع، ومدافعة وقراع، آناء الليل والنهار، وبذلك يضاعف الله لهم الأجر الجزيل، ويثيبهم الثواب العظيم. (٣)

- وقال أيضا: ومن الآيات قوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣)} (٤). فالصراط المستقيم: هو سبيل الله الذي دعا إليه، وهو السنة. والسبل: هي سبل أهل الاختلاف الحائدين عن


(١) يوسف الآية (١٠٣).
(٢) سبأ الآية (١٣).
(٣) الاعتصام (١/ ٣٠ - ٣١).
(٤) الأنعام الآية (١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>