للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين. قال: فنهى الحسن عن ذلك أشد النهي، لأنه لم يكن من عمل الصحابة ولا التابعين. وكل ما لم يكن عليه عمل السلف الصالح، فليس من الدين، فقد كانوا أحرص على الخير من هؤلاء، ولو كان فيه خير لفعلوه. وقد قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (١).

قال مالك بن أنس: فما لم يكن يومئذ دينا لم يكن اليوم دينا. وإنما يعبد الله بما شرع. وهذا الاجتماع لم يكن مشروعا قط فلا يصح أن يعبد الله به. وأما الغنا والشطح فمذمومان على ألسنة السلف الصالح. فعن الضحاك: الغنا مفسدة للقلب مسخطة للرب. وقال المحاسبي: الغنا حرام كالميتة.

وسئل مالك بن أنس عن الغنا الذي يفعل بالمدينة، فقال: إنما يفعله عندنا الفساق. وهذا محمول على غنا النساء. وأما الرجال فغناؤهم مذموم أيضا، بحيث إذا داوم أحد على فعله أو سماعه سقطت عدالته لما فيه من إسقاط المروءة ومخالفة السلف. حكى عياض عن التنيسي أنه قال: كنا عند مالك وأصحابه حوله. فقال رجل من أهل نصيبين: يا أبا عبد الله عندنا قوم يقال لهم الصوفية، يأكلون كثيرا، ثم يأخذون في القصائد ثم يقومون فيرقصون، فقال مالك: أصبيان هم؟ قال: لا. أمجانين هم؟ قال: لا، قوم مشايخ، وغير ذلك عقلاء. فقال مالك: ما سمعت أحدا من أهل السلام (٢) يفعل هذا.

انظر كيف أنكر مالك وهو إمام السنة أن يكون في أهل الإسلام من


(١) المائدة الآية (٣).
(٢) هكذا في الأصل ولعله: الإسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>