للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال له: اقرأ آية الكرسي، فلما بلغ: {ولا يحيطون بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلًّا بِمَا شَاءَ}. قال: أمسك يا ابن أخي فقد بلغت ما تريد، فقد أنبأك الله أنه لا يحاط بشيء من علمه، قال له الرجل: يرحمك الله إن الله قد استثنى، فقال: {إِلًّا بِمَا شَاءَ}.

فقال عبد الله: صدقت ولكن أخبرني عن الأمر الذي استثناه من علمه وشاء أن يظهره لخلقه أين يوجد ومن أين يعلم؟ قال: لا يوجد إلا في وحي ولا يعلم إلا من نبي، قال: فأخبرني عن الذي لا يوجد في حديث مأثور ولا كتاب مسطور أليس هو الذي نبأ الله لا يدركه عقل ولا يحيط به علم؟ قال: بلى فإن الذي تسأل عنه ليس محفوظا في الكتب ولا محفوظا عن الرسل، فقام الرجل وهو يقول: لقد جمع الله لي علم الدنيا والآخرة، فانصرف شاكرا. (١)

- وفي الإبانة: أن رجلا من المسلمين أتى عبد الله بن العباس رحمة الله عليه بابن له فقال: لقد حيرت الخصومة عقله، وأذهبت المنازعة قلبه، وذهبت به الكلفة عن ربه. فقال عبد الله: امدد بصرك يا ابن أخي ما السواد الذي ترى؟ قال: فلان، قال: صدقت، قال: فما الخيال المسرف من خلفه؟ قال: لا أدري، قال عبد الله: يا ابن أخي فكما جعل الله لأبصار العيون حدا محدودا من دونها حجابا مستورا فكذلك جعل لأبصار القلوب غاية لا يجاوزها وحدودا لا يتعداها، قال: فرد الله عليه غارب عقله وانتهى عن المسألة عما


(١) الإبانة (١/ ٢/٤٢١ - ٤٢٢/ ٣٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>