للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالغ الناصبي في دفع علي رضي الله عنه عن الإمامة، وبالغت الغلاة حتى جعلوه إلها، وبالغ السني في تقديم أبي بكر رضي الله عنه، وبالغ الرافضي في تأخيره حتى كفره، وميدان الظن واسع وحكم الوهم غالب، فتعارضت الظنون وكثرت الأوهام وبلغ كل فريق في الشر والعناد والبغي والفساد إلى أقصى غاية وأبعد نهاية، وتباغضوا وتلاعنوا، واستحلوا الأموال واستباحوا الدماء، وانتصروا بالدول، واستعانوا بالملوك، فلو كان أحدهم إذا بالغ في أمر نازع الآخر في القرب منه، فإن الظن لا يبعد عن الظن كثيرا، ولا ينتهي في المنازعة إلى الطرف الآخر من طرفي التقابل، لكنهم أبوا إلا ما قدمنا ذكره من التدابر والتقاطع، ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك. (١)

التعليق:

يتلخص من هذه الكلمة المباركة الأمور الآتية:

١ - السبب في خروج الطوائف عن ملة الإسلام. ومكائد المنافقين الذين أظهروا إسلامهم خداعا.

٢ - ليس في الإسلام ظاهر وباطن، بل كله ظاهر يشترك في فهمه والعمل به كل على قدر استطاعته.

٣ - لم يخص الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحدا بشيء من شرعه، بل بلغه للجميع القريب والبعيد والأحمر والأسود، كلهم سواء. ومن قال غير هذا فهو كافر مرتد.

٤ - بيان أصل البدع والسبب في وجودها: البعد عن كلام السلف والانحراف عن اعتقاد الصدر الأول.


(١) الخطط (٢/ ٣٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>