هي عليه في علم الله وأنى لها ذلك؟! وقد تقيدت بما عندها من إطلاق ما هنالك، فإن وهبها علما بمراده من الأوضاع الشرعية، ومنحها الإطلاع على حكمه في ذلك كان من فضله تعالى، فلا يضيف العارف هذه المنة إلى فكره، فإن تنزيهه لربه تعالى بفكره يجب أن يكون مطابقا لما أنزله سبحانه على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - من الكتاب والسنة وإلا فهو تعالى منزه عن تنزيه عقول البشر بأفكارها، فإنها مقيدة بأوطارها، فتنزيهها كذلك مقيد بحسبها، وبموجب أحكامها وآثارها، إلا إذا خلت عن الهوى فإنها حينئذ يكشف الله لها الغطاء عن بصائرها ويهديها إلى الحق فتنزه الله تعالى عن التنزيهات العرفية بالأفكار العادية، وقد أجمع المسلمون قاطبة على جواز رواية الأحاديث الواردة في الصفات ونقلها وتبليغها من غير خلاف بينهم في ذلك، ثم أجمع أهل الحق منهم على أن هذه الأحاديث مصروفة عن احتمال مشابهة الخلق، لقول الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} (١)
ولقول الله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد (٤)} وهذه السورة يقال لها سورة الإخلاص، وقد عظم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شأنها ورغب أمته في تلاوتها حتى جعلها تعدل ثلث القرآن، من أجل أنها شاهدة بتنزيه الله تعالى وعدم الشبه والمثل له سبحانه، وسميت سورة الإخلاص لاشتمالها على إخلاص التوحيد لله عن أن