يشوبه ميل إلى تشبيهه بالخلق، وأما الكاف التي في قوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} فإنها زائدة وقد تقرر أن الكاف والمثل في كلام العرب أتيا للتشبيه، فجمعهما الله تعالى ثم نفى بهما عنه ذلك، فإذا ثبت إجماع المسلمين على جواز رواية هذه الأحاديث ونقلها، مع إجماعهم على أنها مصروفة عن التشبيه، لم يبق في تعظيم الله تعالى بذكرها إلا نفي التعطيل، لكون أعداء المرسلين سموا ربهم سبحانه أسماء؛ نفوا فيها صفاته العلا، فقال قوم من الكفار: هو طبيعة، وقال آخرون منهم: هو علة، إلى غير ذلك من إلحادهم في أسمائه سبحانه.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الأحاديث المشتملة على ذكر صفات الله العلا، ونقلها عنه أصحابه البررة، ثم نقلها عنهم أئمة المسلمين حتى انتهت إلينا، وكل منهم يرويها بصفتها من غير تأويل لشيء منها، مع علمنا أنهم كانوا يعتقدون أن الله سبحانه وتعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} ففهمنا من ذلك أن الله تعالى أراد بما نطق به رسوله - صلى الله عليه وسلم - من هذه الأحاديث، وتناولها عنه الصحابة رضي الله عنهم وبلغوها لأمته، أن يغص بها في حلوق الكافرين، وأن يكون ذكرها نكتا في قلب كل ضال معطل مبتدع، يقفو أثر المبتدعة من أهل الطبائع وعباد العلل، فلذلك وصف الله تعالى نفسه الكريمة بها في كتابه، ووصفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضا بما صح عنه وثبت، فدل على أن المؤمن إذا اعتقد أن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأنه أحد صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، كان ذكره