للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكم نحروا في سوحها من نحيرة ... أهلت لغير الله جهلا على عمد

وكم طائف حول القبور مقبلا ... ويلتمس الأركان منهن بالأيدي

فإن قال: إنما نحرت لله وذكرت اسم الله عليه. فقل: إن كان النحر لله فلأي شيء قربت ما تنحره من باب مشهد من تفضله وتعتقد فيه؟ هل أردت بذلك تعظيمه؟ إن قال نعم: فقل: هذا النحر لغير الله، بل أشركت مع الله تعالى غيره، وإن لم ترد تعظيمه، فهل أردت توسيخ باب المشهد وتنجيس الداخلين إليه؟ أنت تعلم يقينا أنك ما أردت ذلك أصلا، ولا أردت إلا الأول، ولا خرجت من بيتك إلا قصدا له. ثم كذلك دعاؤهم له.

فهذا الذي عليه هؤلاء شرك بلا ريب.

وقد يعتقدون في بعض فسقة الأحياء وينادونه في الشدة والرخاء وهو عاكف على القبائح والفضائح، لا يحضر حيث أمر الله عباده المؤمنين بالحضور هناك، ولا يحضر جمعة ولا جماعة ولا يعود مريضا ولا يشيع جنازة، ولا يكتسب حلالا، ويضم إلى ذلك دعوى التوكل وعلم الغيب، ويجلب إليه إبليس جماعة قد عشش في قلوبهم، وباض فيها وفرخ، يصدقون بهتانه ويعظمون شأنه، ويجعلون هذا ندا لرب العالمين ومثلا، فيا للعقول أين ذهبت؟ ويا للشرائع كيف جهلت؟ {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} (١) فإن قلت: أفيصير هؤلاء الذين يعتقدون في القبور والأولياء والفسقة والخلعاء مشركين، كالذين يعتقدون في الأصنام؟


(١) الأعراف الآية (١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>