للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: نعم، قد حصل منهم ما حصل من أولئك، وساووهم في ذلك، بل زادوا في الاعتقاد والانقياد والاستعباد: فلا فرق بينهم.

فإن قلت: هؤلاء القبوريون يقولون: نحن لا نشرك بالله تعالى، ولا نجعل له ندا، والالتجاء إلى الأولياء ليس شركا.

قلت: نعم {يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} (١) ولكن هذا جهل منهم بمعنى الشرك. فإن تعظيمهم الأولياء، ونحرهم النحائر لهم شرك. والله تعالى يقول: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢)} (٢) أي لا لغيره، كما يفيد تقديم الظرف ويقول تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (٣)، وقد عرفت بما قدمناه قريبا أنه - صلى الله عليه وسلم - سمى الرياء شركا، فكيف بما ذكرناه؟.

فهذا الذي يفعلونه لأوليائهم هو عين ما فعله المشركون وصاروا به مشركين ولا ينفعهم قولهم: نحن لا نشرك بالله شيئا؛ لأن فعلهم أكذب قولهم.

فإن قلت: هم جاهلون أنهم مشركون بما يفعلونه.

قلت: قد خرج الفقهاء في كتب الفقه في باب الردة: أن من تكلم بكلمة الكفر يكفر، وإن لم يقصد معناها. وهذا دال على أنهم لا يعرفون حقيقة الإسلام ولا ماهية التوحيد، فصاروا حينئذ كفارا كفرا أصليا، فالله


(١) آل عمران الآية (١٦٧).
(٢) الكوثر الآية (٢).
(٣) الجن الآية (١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>