فتعطيله عن هذه الثمرة، أو منع المجتني لها، وهو المقصود بها، مناقضة ظاهرة وعناد أوفى، ومضادة جلية.
والمحروم الذي أضاف المنع أيضا لمن سواه يقول: مالي في هذه الحياض من مشرب، هي للإمام يروى منه، ويخبر عما وجد، ولا سبيل لغيره إليها، بل يكون في أيدينا الأوصاف بأن في ذلك الحوض كذا، وصفته كذا، وفائدته كذا.
فإذا جاءهم من يقول: بعض هذه الحياض لم يبلغه الإمام، ولا ادعى لنفسه الإحاطة، أو بلغه ولكني وجدت نعته أو فائدته غير ما ذكر لكم، بعد أن باشرت بنفسي مذاقه. فما تقولون؟ وليس لكم على دفعي حجة، ولا إلى مصادرتي سبيل، إلا دعوى مالها مستند. اللهم إلا إذا باشرتم كما باشرت، فاضطررتم إلى إكذابي. فذاك ما أمرتم به. ويصح منكم -والحال هذه- المدافعة والممانعة، وأما مكاذبة في شيء قد أعربتم عن أنفسكم أنكم ما تبوأتم له منزلا، ولا جسستم له عرقا ولا مفصلا، فغريب منكم التوثب على حماه، والساقي يقول: هلموا، فليس الخبر كالعيان، ولم يحط الإمام بما لدينا خبرا، وربما يخطئ الخبر ويخالف، إذ مبناه على مبلغ صاحبه علما وفهما.
ومن علم حال البشر اضطر إلى الحكم بعدم براءتهم من قصور الفهم ونقصان العلم في حالات كثيرة. (١)
- وقال: ولقد جر سوء هذه المقالة -وهي القول بتعذر الاجتهاد- إلى ما أشرنا إليه، من سلب منافع الكتاب، وكونه عدة للدفع والنفع، ومحلا
(١) معارج الألباب في مناهج الحق والصواب (٦٩ - ٧٠).