للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للاهتداء، وميزانا يعرف به الرشاد والفساد. فقد حيل الآن بينه وبين طالب ما فيه من غيوث الرحمة، وصيب النعمة، وكذا ما يتصل به من حوافل تفسيره. والكلام على نكت فرائده، وعجائب فوائده، وبيان إشارته ومقاصده. فكل ذلك عند المقلدين لغو محض، إذ ما لا تصل إليه -وإن زعمت ذلك- قضت عليك الحقيقة بأنك مكذبه بالكذب، فوجوده وعدمه عندك سيان.

وهكذا المؤلفات المشتملة على الأخبار النبوية، وعلومها ووسائلها، ككتب الجرح والتعديل، وطبقات الرواة، وشرح أحوالهم، وعلم غريب الكتاب والسنة وأحكامهما، وكذا المؤلفات في سائر الفنون. كالنحو والتصريف، وأصول الفقه والمعاني، التي يقول مؤلفوها: إن الحكمة من تأليفها هي التوصل إلى تصحيح المطالب بالذات، مع أن عقلاء الفضلاء لا زالوا على ممر الأزمان تتجدد لهم التصانيف، أعلى بصيرة ذلك، وللتبصير ما هنالك، أم دأب فيما لا سبيل إلى الغاية المقصودة به؟.

فنقول: أيها الملأ، وإن كان البشر قد علم ضعفه، ونقصه وجهله، فلقد ساءنا أن بلغتم إلى هذه الغاية، وما زدتم على المضادة لله ولرسوله، والتلعب بدينه وبشرائعه وإضاعة مساعي الباحثين والمؤلفين، وأهل التصانيف، وذوي العلم والنظر. فما شأن ما صنعوا؟ وهل للدأب في ذلك الجمع والتأليف، وبيان الصحيح من الفاسد والراجح من الخفيف فائدة وغاية؟ وما بقاء ذلك واستمراره على تعاقب الأحقاب، بل هل لبقاء كتاب الله كثير حاصل؟ إذ مبنى جميع ذلك على فتح باب الاجتهاد، وأن كثيرا من المطالب، أو كلها، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>