للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من معه: اجعل لنا ذات أنواط قال: «الله أكبر؛ قلتم والذي نفس محمد بيده كما قال قوم موسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة» (١).

انتهى كلامه رحمه الله، وقال في 'اقتضاء الصراط المستقيم': إذا كان هذا كلامه - صلى الله عليه وسلم - في مجرد قصد شجرة لتعليق الأسلحة والعكوف عندها، فكيف بما هو أعظم منها: الشرك بعينه بالقبور ونحوها؟ وأما كلام المالكية فقال أبو بكر الطرطوشي في كتاب 'الحوادث والبدع' لما ذكر حديث الشجرة ذات أنواط: فانظروا رحمكم الله، أين ما وجدتم سدرة أو شجرة يقصدها الناس ويعظمون من شأنها ويرجون البرء والشفاء لمرضاهم من قبلها، فهي ذات أنواط فاقطعوها، وذكر حديث العرباض بن سارية الصحيح، وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة» (٢) قال: في البخاري عن أبي الدرداء أنه قال: والله ما أعرف من أمر محمد شيئا إلا أنهم يصلون جميعا، وروى مالك في الموطأ عن بعض الصحابة أنه قال: ما أعرف شيئا مما أدركت عليه الناس إلا النداء بالصلاة، قال الزهري: دخلت على أنس بدمشق وهو يبكي ... فقال: ما أعرف شيئا مما أدركت إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضيعت، قال الطرطوشي رحمه الله: فانظروا رحمكم الله إذا كان في ذلك الزمن طمس الحق، وظهر الباطل، حتى ما يعرف من الأمر القديم إلا القبلة،


(١) أخرجه أحمد (٥/ ٢١٨) والترمذي (٤/ ٤١٢ - ٤١٣/ ٢١٨٠) وقال: "حديث حسن صحيح". وصححه ابن حبان (١٥/ ٩٤/٦٧٠٢).
(٢) أحمد (٤/ ١٢٦) وأبو داود (٥/ ١٣/٤٦٠٧) والترمذي (٥/ ٤٣/٢٦٧٦) وقال: "حسن صحيح". وابن ماجه (١/ ١٦/٤٣) والحاكم (١/ ٩٥ - ٩٦) وقال: "صحيح ليس له علة"، ووافقه الذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>