للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أهل البدع فمعظم تعظيمهم تعظيم محدث، كشد الرحال إلى قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والفرح بليلة ولادته، وقراءة المولد، والقيام عند ذكر ولادته - صلى الله عليه وسلم -، وتقبيل الإبهام عند قول المؤذن "أشهد أن محمدا رسول الله" والتمثل بين يدي قبره قياما، وطلب الحاجات منه - صلى الله عليه وسلم -، والنذر له وما ضاهاها، وأما التعظيمات الثابتة فهم عنها بمراحل. فيا أهل البدع أنشدكم الله والإسلام والإنصاف أن تقولوا أي الفريقين أزيد تعظيما للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأكثر اتباعا له وأشد حبا له - صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي. (١)

- وقال: ثم بعد انقراض قرن الصحابة أتى أمته ما يوعدون من الحوادث والبدع، وكلما أحدثت بدعة رفع مثلها من السنة، ولكن في قرن التابعين وأتباع التابعين لم تظهر البدع ظهورا فاشيا، وأما بعد قرن أتباع التابعين فقد تغيرت الأحوال تغيرا فاحشا، وغلبت البدع، وصارت السنة غريبة، واتخذ الناس البدعة سنة والسنة بدعة، ولا تزال السنة في المستقبل غريبة إلا ما استثني من زمان المهدي رضي الله عنه وعيسى عليه السلام، إلى أن تقوم الساعة على شرار الناس.

يدل على ذلك الأحاديث والآثار التي نذكرها الآن بحوله وقوته، منها: حديث عمران بن حصين رضي الله عنه يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، -قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة- ثم إن بعدكم قوما يشهدون ولا يستشهدون،


(١) صيانة الإنسان (٢٣٦ - ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>