وقوله: تولوا بحذف إحدى التاءين عام لمن يقع عليه الخطاب من عباده. والمعنى أنه قد حمل أداء الرسالة وتبليغها وحملتم طاعته والانقياد له والتسليم {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (٥٤)} (١) أخبر جل ثناؤه أن الهداية في طاعة الرسول لا في غيرها، فإنه معلق بالشرط فينتفي بانتفائه، وليس عليه إلا البلاغ والبيان الواضح لاهداكم وتوفيقكم، ففي صحيح البخاري عن الزهري: فإن تطيعوه فهو حظكم وسعادتكم، وإن لم تطيعوه فقد أدى ما حمل وما عليه إلا البلاغ. وحكى الإمام الشافعي رضي الله عنه إجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أن من استبانت له سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له أن يدعها لقول أحد. وهو كلام حق لا يستراب فيه.
وكيف تترك نصوص الشارع المعصوم ويؤخذ بأقوال غيره ممن يجوز عليه الخطأ، فإن كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب الرسالة صلوات الله وسلامه عليه. والآيات في هذا الباب كثيرة.
والمعنى فإن تتولوا عن الطاعة إثر ما أمرتم بها فاعلموا أنما عليه إثم ما أمر به من التبليغ وقد شاهدتموه عند قوله أطيعوا الله وأطيعوا الرسول، وعليكم ما أمرتم به من الطاعة.
وأما الأحاديث: فعن أبي نجيح العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا قال: «أوصيكم بتقوى الله