للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تضطرم في أحشائه، ثم بعد هذا جاءنا الفاضل الذي حدثنا عن الفاسي وشأن رسالته بها فقرأناها وتأملنا ما فيها؛ فإذا هي من باب تكلموا تُعرَفوا، قد أعربت عن مدارك أصحابها. وقدمنا رِجْلاً وأخرنا أخرى في الكتب علينا برهة من الدهر حتى ألح عليها بعض الفضلاء في رقم كلمات عليها. فأجبناه لذلك، وسألنا الله العون عليه. (١)

- وقال فيه أيضا: وقول الإمام مالك: والسؤال عن هذا بدعة؛ صحيح، لأن السلف كانوا يعتقدون أن تلك الصفات المنصوص عليها في الكتاب والسنة صفات لله وإن تشاركت مع صفة المخلوق من حيث الأسماء، ويحكمون بمباينة المسميات بقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (٢). لأن ذات الله وصفاته وأفعاله لا تقاس بذات المخلوقات ولا بصفاته وأفعاله. وهذا معلوم عندهم لا يسأل عنه إلا حديث عهد بالإسلام أو مبتدع. ولما كثر السؤال عنه من مبتدعة الجهمية في زمان الإمام مالك، إذ جهم (٣) والجعد ابن درهم الذي قتله خالد بن عبد الله القسري، شاعت دعوتهم في زمان بني أمية ثم ازدادت شيوعا في دولة بني العباس. فقد قال أهل التاريخ: ظهر الخوارج والروافض والشيعة والمرجئة، فلم يتجاسروا على رد نصوص الشريعة بالعقل، وصاح بهم الصحابة من كل صوب وبدّعوهم، وتركوا السلام عليهم، ونسبوهم إلى العظائم، ثم ظهر الجهمية


(١) نظر الأكياس: (١٤ - ١٦) مخطوط.
(٢) الشورى الآية (١١).
(٣) في ت وب: (وهو) وهي زيادة خاطئة من الناسخ إلا أن يقع سقط تقدير: وهو تلميذ.

<<  <  ج: ص:  >  >>