للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجاه والعز عندهم ما ليس لأهل السنة.

فكم أغمد من سيوفهم في أعناق العلماء، وكم مات في سجونهم من ورثة الأنبياء، حتى استنقذ الله الإسلام والمسلمين من أيديهم على يد نور الدين محمود بن زنكي والسلطان الأعظم صلاح الدين ابن أيوب رحمه الله، قابل الإسلام من علته وانتعش بعد طول الحمرة حتى استبشر أهل الأرض والسناء، واستنقذ الله بعبده صلاح الدين وجنوده بيت المقدس من أيدي عبدة الصليب، فعاش الناس/ في ذلك النور مدة حتى استولت الظلمة وقدم الناس العقول على النقول، والأذواق على الشريعة الربانية، وكان رئيسهم هذا الطوسي وأضرابه، هذا في المشرق.

وأما في المغرب فمنذ فتح الإسلام إلا وهو على عقيدة السلف إلا ما كان من فتنة العبيدين وبدعتهم، ثم انجلت ظلمتها واستضاء المسلمون بنور السنة ومذهب السلف حتى ظهر فيهم في أوائل القرن السادس محمد بن تومرت المهدي تلميذ أبي حامد الغزالي، فملأ أرضهم بمعارضة العقل للوحي، واشتهر مذهب شيخه الغزالي في هذه البقاع، وسمى من خالفه من علماء المغرب وملوكهم وجمهورهم مجسمة، وقاتلهم على ذلك، وسمى أتباعه الموحدين؛ وفي ذلك يقول الحفيد ابن رشد: ولما ظهر أبو حامد طم الوادي على القرى ثم لم يزل أهل المغرب في دولة الموحدين وبني مرين بعدهم وغيرهم آخذين بمذهبه. وآخذ بمذهب السلف وهم القليل، حتى كانت دولة سيدي محمد بن عبد الله العلوي، فعانق مذهب السلف هو وخواصه، وأظهره للجمهور، وهكذا ابنه أبو الربيع المولى سليمان كما تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>