بحفظه، وبأن لا تزال طائفة من الأمة قائمة عليه، فإن أخطأ عالم لم يلبث أن يجد من ينبهه على أخطائه، فإن لم يتفق له ذلك، فالذي يوافقه أو يتابعه لا بد أن يجد من ينبهه، فلا يمكن أن يستولي الخطأ على فرقة من الناس يثبتون عليه ويتوارثونه إلا باتباعهم الهوى، ولهذا نجد علماء كل مذهب يرمون علماء المذاهب الأخرى بالتعصب واتباع الهوى، وأكثرهم صادقون في الجملة، ولكن الرامي يغفل عن نفسه، وكما جاء في الأثر «يرى القذاة في عين أخيه، وينسى الجذع في عينه»(١). وعلى كل حال، فإن الأمة قد اتبعت سنن من قبلها كما تواترت بذلك الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن ذلك بل من أعظمه أنها فرقت دينها وكانت شيعا، وقد تواترت الأخبار بأنه لا تزال طائفة قائمة على الحق، فعلى أهل العلم أن يبدأ كل منهم بنفسه فيسعى في تثبيتها على الصراط، وإفرادها عن اتباع الهوى، ثم يبحث عن إخوانه، ويتعاون معهم على الرجوع بالمسلمين إلى سبيل الله، ونبذ الأهواء التي فرقوا لأجلها دينهم وكانوا شيعا؛ ويتلخص العمل في ثلاثة مطالب:
الأول: العقائد، وقد علمت أن هناك معدنا لحجج الحق وهو المأخذان السلفيان، ومعدنا للشبه، وهو المأخذان الخلفيان، فطريق الحق في ذلك واضح.
المطلب الثاني: البدع العملية، والأمر في هذا قريب لولا غلبة الهوى،
(١) أخرجه ابن حبان (١٣/ ٧٣ - ٧٤/ ٥٧٦١) والقضاعي في مسند الشهاب (١/ ٣٥٦/٦١٠) وأبو نعيم في الحلية (٤/ ٩٩) من حديث أبي هريرة مرفوعا: «يبصر أحدكم القذاة ... » الحديث.