للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب الله. وكذلك القاضي أبو بكر بن العربي في أحكامه بعد ما ذكر اختلاف العلماء في المراد بالحبل: هل المراد به عهد الله أو كتابه أو دينه؟ فإنه استظهر أنه كتاب الله؛ لأنه يتضمن عهده ودينه ...

إن أمعنتم النظر استنتجتم أنه لا فتنة أضر عليكم في دينكم من فتن الطرق؛ فإنها حولتكم عن الوجهة التي وجه الشارع إليها وجوهكم، ونبهكم إلى طلب الهداية إليها بقوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)} (١)، وبقوله: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٠١)} (٢). وهو أدرى بمصالحكم منكم، وإن كان هناك فتن أخرى، فإنها في نظر ذي الفهم الصحيح أدون وأهون من تلك الفتنة التي تسلب الإنسان المسلم من أعز عزيز لديه وهو إخلاص التوحيد لله، وتخصيصه بالإعطاء والمنع، والضر والنفع، ونذر النذور واليمين، والسجود ونحوها من خواص الربوبية، وتبثّ في نفسه الخضوع والاستكانة والتذلل والاستحذاء لمخلوق ضعيف مثله ...

فهل كتاب 'الإبريز' وكتاب 'جواهر المعاني' أو كتاب 'المقصد الأحمد'، وما في معناها من كتب المناقب التي ترجعون إليها وتتشبعون بما فيها، تقوم مقام كتاب الله سبحانه؟ وهل بقي لقائل أن يقول: إن هذه الطرق ليست بفتن، وهي تصرفنا عن الاشتغال بكتاب الله ودراسته وتدبره؛ بمناقب وأذكار وأوراد ملفقة لم تأت عن الشارع، ذات خواص ومزايا وفتوحات وبركات


(١) الفاتحة الآية (٦).
(٢) آل عمران الآية (١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>