للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الألحاظ، وأعماهم التعصب والتقليد عن رؤية الحق مع أن الحق نور، ولكنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور، سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا.

وحيث كنت تكابر في هذا القدر، وتحتج بحجج لا تعلم محط مغزاها، ولا هدف مرماها، وإنما ترددها ترديد الصدى، جريا على ما جبلت عليه من التقليد حتى في الضلال والهدى.

اقترحت أن أخط لكم ما تفوهت به في كتاب، وأضيف إليها ما يعن لي في هذا الباب، وأنتم تجيبون على ذلك بما يزيل اللبس، ويبين أن أفكاركم مبنية على أمتن أس؛ وإلا فأنت في ميدان المناضلة محجوج. وجبين دعواك بعصا العجز مشجوج. هذا وإني لأشفق عليك مما يلم بك من الألم، عند مطالعة ما يخطه القلم؛ لأن الحقيقة مرة في أفواه العائشين بالآمال والأوهام، واليقظة ضربة قاضية على المثرين في الأحلام، ولكنها الحقيقة. والحقيقة بنت البحث البحت، والمرمر لا تنجلي مرآته بغير الصقل والنحت. وإليكها جملا مرصوصة البنا، ظاهرة الغنا، طيبة الجنا، وليست إلا أنموذجا لأمثالها، وشكلا يدل على تعدد أشكالها. وهي بين ادعاء محض يفتقر إلى إثبات أو نقض، أو استفهام يتطلب الجواب بالنفي أو الإيجاب. بيد أنه لا يقبل من الحجج النقلية إلا ما كان صريحا في الموضوع من كتاب أو سنة أو كان من الحجج العقلية المحسوسة فقط، وكل كلام تسوقه للغير أياً كان فهو لغو، والعبرة بما يقال، لا بمن قال. ثم إني لا إخالك تجد ولا جوابا واحدا يوافق ما به تحتج. إلا إذا استقام الظل والشاخص أعوج، وقد صدرت تلك الجمل بالجملة التي كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>