للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين. فروى أبو داود رحمه الله في سننه، وروى أحمد بن حنبل الشيباني رضي الله عنه في مسنده أثرا تضمن أن للعامل من هذه الأمة عند فساد الزمان أجر خمسين رجلا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولفظ الحديث عند أبي داود، وعن أبي أمية الشعباني قال: "سألت أبا ثعلبة الخشني فقلت: يا أبا ثعلبة كيف تقول في هذه الآية: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} (١)؟ قال: أما والله لقد سألت عنها خبيرا، سألت عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك -يعني بنفسك- ودع عنك العوام، فإن من ورائكم أيام الصبر فيها مثل قبض على الجمر، للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله»، وزاد في غيره، قالوا: يا رسول الله أجر خمسين منهم؟ قال: «أجر خمسين منكم» (٢)، وله شاهد يقويه فيما رواه مسلم رحمه الله من أن العبادة في وقت الهرج -أي القتل والفتن- تعدل هجرة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٣). هذا ولأهل السنة هجرات كثيرة لا بالأماني والأحلام ولكن بالتحقيق والتثبيت، فلهم هجرة إلى الله عز وجل بالإخلاص والتوحيد، ولهم هجرة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالاقتداء والاتباع، ولهم هجرة من البدع إلى السنن، ومن المعاصي إلى الطاعات، ومن الأقوال والآراء إلى ما قاله الرسول - صلى الله عليه وسلم - وما جاء في القرآن؛ وله شاهد أيضا فيما


(١) المائدة الآية (١٠٥).
(٢) تقدم تخريجه ضمن مواقف علي بن المديني سنة (٢٣٤هـ).
(٣) تقدم تخريجه ضمن مواقف أبي ذر سنة (٣٢هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>