لك: إن المتصوفة إذا ما أعوزهم الدليل فإنهم لا يتورعون أن يدعموا احتجاجهم على تبني الفكرة ولو بالرواية عن إبليس اللعين.
ولكن يزول استغرابك وتواجهك الحقيقة المرة، إذا أوقفتك على النص، خاصة وقد رواه زعيم متصوفة المتأخرين، ألا وهو أبو حامد الغزالي رحمه الله، وسجله في كتابه 'إحياء علوم الدين'.
فقد نص في كتاب العلم من إحياء علوم الدين تحت عنوان:(الباب السادس في آفات العلم وبيان علامات علماء الآخرة والعلماء السوء) على ما يلي: "وحكي عن إبليس لعنه الله أنه بث جنوده في وقت الصحابة رضي الله عنهم، فرجعوا إليه محسورين، فقال: ما شأنكم؟ فقالوا: ما رأينا مثل هؤلاء، ما نصيب منهم شيئا، وقد أتعبونا، فقال: إنكم لا تقدرون عليهم، قد صحبوا نبيهم، وشهدوا تنزيل ربهم، ولكن سيأتي بعدهم قوم تنالون منهم حاجتكم، فلما جاء التابعون بث جنوده فرجعوا إليه منكسين، فقالوا: ما رأينا أعجب من هؤلاء نصيب منهم الشيء بعد الشيء من الذنوب، فإذا كان آخر النهار أخذوا في الاستغفار، فيبدل الله سيئاتهم حسنات، فقال: إنكم لن تنالوا من هؤلاء لصحة توحيدهم، واتباعهم لسنة نبيهم، ولكن سيأتي بعد هؤلاء قوم تقر أعينكم بهم تلعبون بهم وتقودونهم بأزمة أهوائهم كيف شئتم، لم يستغفروا فيغفر لهم، ولا يتوبون، فيبدل الله سيئاتهم حسنات، قال: فجاء بعد القرن الأول فبث فيهم الأهواء، وزين لهم البدع، فاستحلوها، واتخذوها دينا لا يستغفرون الله منها، ولا يتوبون عنها، فسلط الله عليهم الأعداء، وقادوهم حيث شاءوا".