كما يبقى البحر ثابتا مكانه ليغوصه الغواصون من رجال هذا الشأن، فيخرجوا للناس اللآلي والدرر من مسائل علم الحديث النافعة، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. هذه نهاية محاولة الروافض ومن يسيرون في ركابهم وقد أرادوا أن يجدوا ما يتعللون به من الأخبار التي تشهد لما ذهبوا إليه من قريب أو من بعيد، فعثروا في أثناء بحثهم على كلام باطل بطلان مذهبهم ونصه هكذا:(ما جاءكم عني فاعرضوه على الكتاب فما وافقه فأنا قلته وما خالفه فإني لم أقله)(١) وكل من له نظر في هذا العلم الشريف يدرك أن هذا الكلام ليس من منطق الرسول عليه الصلاة والسلام، إذ لا يظهر عليه نور النبوة -كما ترى- وعلى الرغم من ذلك فإن القوم قد طاروا به فرحا، ظنا منهم أنه نافع لهم، ولكنهم لم يستطيعوا أن ينفلتوا بحديثهم هذا من أيدي حراس السنة الذين لم تنم عيونهم الساهرة حفاظا على السنة، بل عثروا على حديثهم ذلك فأعلنوا عنه أنه من أباطيلهم ودسائسهم، حتى عرفه الناس على حقيقته بعد أن سجلوه في كتبهم، فأجروا له (عمليتهم) الخاصة، وفندوه وجرحوه وعروه أمام القراء حتى انكشف حاله، فلله الحمد والمنة.
يقول السيوطي في رسالته الطليقة 'مفتاح الجنة' (ص.٢١٤ وما بعدها): قال البيهقي: باب بطلان ما يحتج به بعض من رد السنة من الأخبار التي رواها بعض الضعفاء في عرض السنة على القرآن، قال الشافعي رحمه الله: احتج علي بعض من رد الأخبار بما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(ما جاءكم عني فاعرضوه على الكتاب، فما وافقه فأنا قلته، وما خالفه فأنا لم أقله)