إلا كلمة واحدة -طالما سمعناها من بعضهم- وهي قولهم، إنما تركنا السنة ثقة منا بإمام المذهب، وأنه أعلم بالسنة منا.
وجوابنا على هذه الكلمة من وجوه يطول الكلام عليها في هذه المقدمة، ولذلك فإني أقتصر على وجه واحد منها، وهو جواب فاصل بإذن الله، فأقول: ليس إمام مذهبكم فقط هو أعلم منكم بالسنة، بل هناك عشرات -بل مئات- الأئمة هم أعلم أيضا منكم بالسنة، فإذا جاءت السنة الصحيحة على خلاف مذهبكم -وكان قد أخذ بها أحد من أولئك الأئمة- فالأخذ بها -والحالة هذه- حتم لازم عندكم، لأن كلمتكم المذكورة لا تنفق هنا، فإن مخالفكم سيقول لكم معارضا، إنما أخذنا بهذه السنة ثقة منا بالإمام الذي أخذ بها، فاتباعه أولى من اتباع الإمام الذي خالفها. وهذا بين لا يخفى على أحد إن شاء الله تعالى. (١)
- ومن الشبه التي ردها رحمه الله قال: قال بعضهم: "لا شك أن الرجوع إلى هدي نبينا - صلى الله عليه وسلم - في شؤون ديننا أمر واجب، لا سيما فيما كان منها عبادة محضة لا مجال للرأي والاجتهاد فيها، لأنها توقيفية، كالصلاة مثلا، ولكننا لا نكاد نسمع أحدا من المشايخ المقلدين يأمر بذلك، بل نجدهم يقرون الاختلاف، ويزعمون أنه توسعة على الأمة، ويحتجون على ذلك بحديث -طالما كرروه في مثل هذه المناسبة رادين به على أنصار السنة- «اختلاف أمتي رحمة»، فيبدو لنا أن هذا الحديث يخالف المنهج الذي تدعو إليه، وألفت كتابك هذا وغيره عليه، فما قولك في هذا الحديث؟ ".
(١) مقدمة صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - (٧٠ - ٧٢).