للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعمى: "اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة ... "، وإنما السر الأكبر في دعائه - صلى الله عليه وسلم - له كما يقتضيه وعده - صلى الله عليه وسلم - إياه بالدعاء له، ويشعر به قوله في دعائه: "اللهم فشفعه في"، أي: اقبل شفاعته - صلى الله عليه وسلم -، أي: دعاءه في. "وشفعني فيه"، أي: اقبل شفاعتي. أي: دعائي في قبول دعائه - صلى الله عليه وسلم - في.

فموضوع الحديث كله يدور حول الدعاء، كما يتضح للقارئ الكريم بهذا الشرح الموجز، فلا علاقة للحديث بالتوسل المبتدع، ولهذا أنكره الإمام أبو حنيفة، فقال: "أكره أن يسأل الله إلا بالله"، كما في 'الدر المختار'، وغيره من كتب الحنفية.

وأما قول الكوثري في 'مقالاته' (ص.٣٨١): "وتوسل الإمام الشافعي بأبي حنيفة مذكور في أوائل تاريخ الخطيب بسند صحيح".

فمن مبالغاته، بل مغالطاته، فإنه يشير بذلك إلى ما أخرجه الخطيب (١/ ١٢٣) من طريق عمر بن إسحاق بن إبراهيم قال: نبأنا علي بن ميمون قال: سمعت الشافعي يقول: "إني لأتبرك بأبي حنيفة، وأجيء إلى قبره في كل يوم -يعني زائرا- فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين، وجئت إلى قبره، وسألت الله تعالى الحاجة عنده، فما تبعد عني حتى تقضى".

فهذه رواية ضعيفة، بل باطلة، فإن عمر بن إسحاق بن إبراهيم غير معروف، وليس له ذكر في شيء من كتب الرجال، ويحتمل أن يكون هو "عمرو -بفتح العين- ابن إسحاق بن إبراهيم بن حميد بن السكن أبو محمد التونسي"، وقد ترجمه الخطيب (١٢/ ٢٢٦)، وذكر أنه بخاري قدم بغداد حاجا سنة (٣٤١)، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، فهو مجهول الحال،

<<  <  ج: ص:  >  >>