للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله، لا يجوز ذلك، لأنهم وإن كانوا كاليهود من جهة حكمهم المذكور، فهم مخالفون لهم من جهة أخرى، ألا وهي إيمانهم وتصديقهم بما أنزل الله، بخلاف اليهود الكفار، فإنهم كانوا جاحدين له كما يدل عليه قولهم المتقدم: " ... وإن لم يعطكم حذرتموه فلم تحكموه"، بالإضافة إلى أنهم ليسوا مسلمين أصلا، وسر هذا أن الكفر قسمان: اعتقادي وعملي. فالاعتقادي مقره القلب. والعملي محله الجوارح. فمن كان عمله كفرا لمخالفته للشرع، وكان مطابقا لما وقر في قلبه من الكفر به، فهو الكفر الاعتقادي، وهو الكفر الذي لا يغفره الله، ويخلد صاحبه في النار أبدا. وأما إذا كان مخالفا لما وقر في قلبه، فهو مؤمن بحكم ربه، ولكنه يخالفه بعمله، فكفره كفر عملي فقط، وليس كفرا اعتقاديا، فهو تحت مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له، وعلى هذا النوع من الكفر تحمل الأحاديث التي فيها إطلاق الكفر على من فعل شيئا من المعاصي من المسلمين، ولا بأس من ذكر بعضها:

١ - «اثنتان في الناس هما بهم كفر، الطعن في الأنساب، والنياحة على الميت» (١). رواه مسلم.

٢ - «الجدال في القرآن كفر» (٢).

٣ - «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» (٣). رواه مسلم.


(١) أحمد (٢/ ٤٩٦) ومسلم (١/ ٨٢/٦٧) عن أبي هريرة.
(٢) أحمد (٢/ ٢٥٨) وأبو داود (٥/ ٩/٤٦٠٣) والحاكم (٢/ ٢٢٣) وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي. وابن حبان (٤/ ٣٢٤ - ٣٢٥/ ١٤٦٤) من حديث أبي هريرة.
(٣) أحمد (١/ ٣٨٥) والبخاري (١/ ١٤٧/٤٨) ومسلم (١/ ٨١/٦٤) والترمذي (٤/ ٣١١/١٩٨٣) والنسائي (٧/ ١٣٨/٤١٢١) وابن ماجه (١/ ٢٧/٦٩) عن ابن مسعود.

<<  <  ج: ص:  >  >>