ومن ذلك: أن قطع الرجل في قلة ضررها مثل قطع الرجل من الورك، أي ذلك أصيب ففيه ستة ألف.
ومن ذلك: أن في العينين إذا فقئتا، مثل ما في قطع أشراف الأذنين في قلة ضررهما، أي ذلك أصيب ففيه اثنا عشر ألفا.
ومن ذلك: أن في شجتين موضحتين صغيرتين مائة دينار، وما بينهما صحيح فإن جرح ما بينهما حتى تقام إحداهما إلى الأخرى، كان أعظم للجرح بكثير، ولم يكن فيها حينئذ إلا خمسون دينارا.
ومن ذلك أن المرأة الحائض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة.
ومن ذلك رجلان قطعت أذنا أحدهما جميعا، يكون له اثنا عشر ألفا، وقتل الآخر فذهبت أذناه وعيناه ويداه ورجلاه، وذهبت نفسه ليس له إلا اثنا عشر ألفا، مثل الذي لم يصب إلا أشراف أذنيه، في أشباه هذا غير واحدة. فهل وجد المسلمون بدا من لزوم هذا؟!
وأي هذه الوجوه يستقيم على الرأي أو يخرج في التفكير؟ ولكن السنن من الإسلام، بحيث جعلها الله، هي ملاك الدين وقيامه الذي بني عليه الإسلام، وأي قول أجسم وأعظم خطرا مما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع حين خطب الناس فقال:"وقد تركت فيكم أيها الناس، ما إن اعتصمتم به، فلن تضلوا أبدا، أمرا بينا: كتاب الله، وسنة نبيه"(١)، فقرن
(١) أخرجه الحاكم (١/ ٩٣) والبيهقي (١٠/ ١١٤) من طريق ثور بن زيد الديلي عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس في حجة الوداع فذكره. وقال الحاكم: "قد احتج البخاري بأحاديث عكرمة واحتج مسلم بأبي أويس وسائر رواته متفق عليهم وهذا الحديث لخطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - متفق على إخراجه في الصحيح يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله وأنتم مسئولون عني فما أنتم قائلون". وذكر الاعتصام بالسنة في هذه الخطبة غريب ويحتاج إليها. ووافقه الذهبي وقال: "وله أصل في الصحيح". وللحديث شواهد كثيرة، انظر الصحيحة للشيخ الألباني رحمه الله (١٧٦١).