للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدربون لباسًا خاصًّا قوامه قميص وبنطلون من قماش كانوا يسمونه (مُلًّا) وجعلوا العقال فوق العمامة البيضاء غطاءًا لرؤوسهم (٣٣٧).

هذا ما أورده مؤرخو مكة المكرمة عن موضوع التدريب العسكري الذي جرى في مكة المكرمة، ولقد اهتم المؤرخون بإيراد هذه الحادثة وتدوينها لأن الدولة العثمانية تعودت أو عودت أهل الحجاز أن تعاملهم معاملة خاصة تعفيهم فيها عما تلزم به الأقاليم الأخرى التابعة للدولة العثمانية، ذلك أن نظرة حكام الأتراك إلى أهل الحجاز تتسم بكثير من العطف والرعاية، فكانت ترسل لهم الجرايات من الأرزاق والنقود، كما سمحت بإقامة التكايا والأربطة في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهذه التكايا خاصة كانت توفر حياة الكسل لساكنيها فهم يجدون فيها المأوى والمأكل دون مشقة أو عناء، فينصرفون إلى العبادة في زعمهم والدعاء للسلطان، والكثير منهم إنما استمرأ هذه الحياة الهينة اللينة الخالية من التكاليف، لهذا رأى المؤرخون في أمر التدريب العسكري في مكة في هذه الفترة أمرا يستحق التسجيل، والمتتبع لتاريخ الدولة العثمانية يعرف الأسباب الكامنة وراء هذا الأمر.

فقد اشتبكت الدولة العثمانية في عهد السلطان عبد الحميد الثاني في حرب طاحنة مع الروس، بدأت هذه الحرب بعصيان الهرسك الذين كانوا تابعين للدولة العثمانية في بلاد الروم إيلي، وهم نصارى، فجهزت الدولة العثمانية جيشا لمحاربتهم، وكانت الدولة قادرة على إخماد هذه


(٣٣٧) "تاريخ مكة" لأحمد السباعى: ص ٥٣٩ نقلًا عن تذييل شفاء الغرام للشيخ عبد الستار الصديقي: ص ٣١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>