للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه في جدة ثاني اثنين هما أكبر رجالات جدة في ذلك الزمان، أما الرجل الأول فهو الأفندي عمر نصيف جَدُّ أسرة نصيف الشهيرة، وموسى البغدادى هو الذي تنسب إليه محلة البغدادية في جدة، وكان واسع الثرء، عظيم النفوذ، وقد بنى البغدادي بيتا على البحر كان من أعظم بيوت جدة أكبرها (٣٤٦)، وكان الرجلان البغدادي ونصيف يتقاسمان النفوذ ويتنافسان تنافسا عظيما فيكيدان لبعضهما البعض، والتنافس بين الأقران قديمٌ قدم الزمان.

ومن الروايات التي كان يتناقلها الناس في جدة والتي سمعتها من المعمِّرين فيها أن موسى أفندي البغدادي استطاع أن يكيد للأفندى عمر نصيف فيدخله السجن، وأن الأفندى نصيف رَدَّ هذا الكيد بمثله أو أنكى منه فاستطاع أن ينفي موسى أفندي البغدادي من جدة في سفينة شراعية إلى اليمن، كنت أظن أن هذه الرِّواية مبالغ فيها، إلى أن وجدت ما يشير إلى صحتها، أو صحة بعض ما ورد فيها من نفي الشريف عون لموسى البغدادي ومن معه، ولم تورد الرِّواية التي أوردها السباعي أسباب هذا النفي، وقد نقلها من كتاب "إفادة الأنام"، وهو كتاب مخطوط للشيخ عبد الله الغازي.

ولكن ما أعرفه شخصيًّا أن الأفندى عمر نصيف كان رجلًا واسع الدهاء، وكان أريبًا، استطاع الجمع بين وكالة شريف مكة، وصداقة الوالي التركي، فكان وكيلًا دائمًا لأشراف مكة وأمرائها يرعى مصالحهم


(٣٤٦) انظر: صورة هذا المنزل في "ملامح الحياة الاجتماعية في الحجاز": ص ٢٣٤ الطبعة الثانية لكاتب هذه السطور.

<<  <  ج: ص:  >  >>