للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونفاذ ما لديه من المال القليل، حدَّث عن نفسه فقال:

كنت أجلس يوما في أحد المقاهي القريبة من الجامع الأزهر، ومرَّ بي رجل هندي تنم عنه ملابسه وهيئته وأخذ يطيل النظر إليّ، ويتعمَّد المرور أمامي جيئة وذهوبًا، فدعوته إلى الجلوس معى بعد أن أدكت أن لديه ما سيفضي به إليّ، جلس الرجل وسألنى من أي البلاد أنت؟ فلما أخبرته خبري قال: إنه يعرف والدي، وإنه تتلمذ عليه في مكة المكرمة، ودعاني إلى السفر معه إلى الهند وزيَّن لي الأمر.

يقول عبد الله سراج:

ولما كنت غريبا في مصر، مبتعدًا عن وطنى في الحجاز قبلت الأمر، وسافرت مع الرجل إلى الهند، كنت أطوف بمدن الهند بترتيب من هذا الرجل، وجاء رمضان وصليت بالمسلمين هناك صلاة التراويح في شهر رمضان في مدينة حيدر آباد، وفي آخر ليلة من ليالي هذا الشهر الكريم تدفقت الهدايا للإِمام فبلغت قيمتها أربعين ألف روبية، وكان هذا المبلغ في ذلك الزمان ثروة طائلة.

وعلم السيد عبد الله الزواوي مفتى الشافعية الذي نفاه الشريف عون مع أبي علم بمكاني في الهند، وكان هو قد هاجر إلي جاوة - أندونسيا - فأرسل إليّ يدعوني للقدوم إلى هناك وسافرت إلى جاوة ثم عدت منها مرة أخرى إلى الهند.

أقول: كان المسلمون وما زالوا ينظرون إلى الأماكن المقدسة نظرة تقديس، وكانوا ينظرون إلى أهلها نظرة إكبار وإجلال، خاصة إذا كانوا من العلماء، فإذا حل المكى والمدني أرضًا أحلَّه أهلها بينهم محل التكريم

<<  <  ج: ص:  >  >>