للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كانت السفن الشراعية تغادر ميناء جدة محملة بصرر النقود الذهبية والفضية وتعود محملة بالبضائع كما ذكرنا، وكانت رحلات هذه السفن في الأوقات التي يكون فيها المحيط الهندي هادئًا، إذ كان ربابنة هذه السفن يتجنبون السفر في أوقات الفيضان، ولهذا فإن السفن بقادتها وعمالها يبقون في مدينة جدة في فصل الشتاء الذي يتعطل فيه سير السفن الشراعية في البحر الهندي المحيط.

وكان بين هؤلاء العمال الذين يسافرون في هذه السفن النجَّارون والدهَّانون، لأن كل سفينة تحتاج إلى نجار لإصلاح ما قد يطرأ عليها من خلل في هذه الرحلات الطويلة في البحر، وإلى دهَّان أو أكثر لدهن هذه السفن المصنوعة من الأخشاب صيانة لها من التآكل، وكان فرج يسر يشغِّل هؤلاء العمال في بيوت جدة فيقوم النجارون بعمل النوافذ والأبواب، والسقوف، وكان البناء في ذلك الزمان يعتمد على الخشب كمادة أساسية، وكانت البيوت تتميز بالرواشين الكبيرة والنوافذ العالية التي تصنع من الأخشاب، وكان الدهَّانون يعملون كذلك في دهن هذه الشبابيك والسقوف والأبواب بالبوية.

ولقد قيل لي: إن هؤلاء العمال كانوا من الصينيين المهرة، فاستطاع العمال المحليون نقل الصنعة عنهم وإلى هنا فإن فرج يُسر لا يعدو أن يكون رجل أعمال ناجح، أتاح لبلده وجود أسطول شراعي كبير يساهم في جلب حاجات البلاد من الأرزاق والملابس وغيرها وهو عمل طيب يستحق التقدير، ولكن الرجل لم يقتصر على هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>