وقد جاءت في ديوان الصوت والصدى وقد تحول المطلع إلى:
متى أعيش لا عم ولا خال … ولا أحاط بحساد وعزال
ثم يقول:
قوم إذا عاش أقوام بصمتهم … عاشوا على رغد بالقيل والقال
والهبوا بالرياح الهوج السنة … كأنهنَّ صلالٌ بين ادغال
تبيت تحفر للاعراض هاوية … كبرى وتشعل فيها أي اشعال
موكلون بها مستلئمون لها … إذا استدارت رحاها ألف سربال
ما النار تشتد في رطب وفي … يبس منهم باقسى ولا انكي على حال
بل ليت أنني نبت برابية … شجراء يلتف فيها السبع بالضال
يجري السحاب عليها كل محتفل … وتسحب الريح فيها أي اذيال
والقارئ لهذه القصيدة يستشف منها ضيق حسين سرحان بمجالس الغيبة التي كان يرتع أصحابها في لحوم الناس، والذي كانت تضمهم المجالس التي وصفها والتي أنكرها عليهم أشد انكار.
والقارئ لشعر حسين سرحان يرى فيه مسحة من التشاؤم والحزن، لعلها تعبير صادق عن حالته النفسية في السنين الأخيرة من عمره، ولكن الدارس والمتأمل لشعره يجد هذه المسحة تطل برأسها في الشعر الذي نظمه في شبابه ورجولته.
يقول في قصيدة موجز حياة:
أغدو مع الناس لا أني أعايشهم … ولست اسخر لكن يسخر القدر
في هيكل عن هباء الجسم مصدره … فقد تعذر فيه الورد والصدر
محنَّطا آويا في كل مرزئة … إلى خراب عليه العقل يندحر
وربَّ نائبة في أثْرِ نائبة … تلقى الكلاكل عندي ثم تنتظر
وضحكة بدرت في غير ساعتها … على فؤاد من اللأواء ينفطر
حتى الكواكب في لألآء طلعتها … اطفأتها ودموع القلب تعتصر (١)
وإذا كان هذا وصفه لنفسه بعدما تقدم به السن فقد وصف نفسه بقوله:
ولدت شيخا أو أرى أنني … خلقت من قبل الثرى والجبال
كابرت دهري ثم خلَّفْته … يدُّب من خلفي دبيب النمال
(١) الصوت والصدى ص ٢٥/ ٢٦.