ينوى للصلاة - صلاة النفل فأسمعه يقول الله الله الله الله أكبر وما هي إلا ثوان ثم يعود لتكبيرة الإحرام بنفس الأسلوب السابق يكرر النطق بلفظ الجلالة مرات ومرات حتى يستقيم له الدخول في الصلاة، ولكن الرجل لم يكن بحاجة إلى الإمامة لأن موارده من المآتم وتلاوة القرآن كانت كبيرة في ذلك الزمان لا ينفق منها شيئا وقد أخذ نفسه بهذه الحياة الضيقة الشديدة وقد تجمعت لديه ثروة كبيرة هيأت له أن يشترى ثلاثة بيوت من أشهر بيوت جدة أولها في منطقة باب مكة مما يلى سوق البدو وكان يسكن في جزء منه ويؤجر الأجزاء الباقية وهي كثيرة للمستأجرين ويتسلم الغلة فيضيفها إلى ما يكنزه من مال والبيتان الآخران وكان يطلق عليها اسم بيوت الشرايبى على ما أذكر وهما يقعان الآن في قلب شارع الملك عبد العزيز في وسط شارع الأشراف بين شارع الملك عبد العزيز والسوق الكبير وكانت هذه المنطفة قبل تعمير شارع الملك عبد العزيز تسمى باب الصبَّة وهو باب يؤدى إلى البحر وكان هذا الباب من داخل سور مدينة جدة الموازى للبحر وكان هذا الباب فيه حرس للجمارك وتخرج منه العربات المحملة بالأرزاق ولعل معنى الاسم أنه الباب الذى تنصب منه البضائع إلى المدينة أو لعل له تعليلا آخر يعرفه المعمرون من أهل جدة أو المهتمون بتاريخها.
لقد كان شراء الشيخ أحمد الزهراء لهذه البيوت الكبيرة في مدينة جدة حديث الناس في ذاك الزمان فكانوا يعجبون لهذا المقرئ الأعمى الذى كان مجمع القرش إلى القرش والريال إلى الريال والدينار إلى الدينار ثم يشترى البيوت الشهيرة التي تعرض للبيع ولست أشك أن كثيرا من التجار كانوا يرغبون في شراء هذه البيوت أو واحد منها على الأقل فجميعها تقع في مناطق تجارية ولكن التجار كانوا لا يفكرون كثيرا في شراء أمثال هذه البيوت إذا لم تكن لهم حاجة ضرورية إليها لأنها تجمِّد المال السائل الذى يتعاملون به في تجاراتهم ولم يكن في