لقد قلت في حلقة سابقة أننا نستطيع أن نؤرخ لظهور الأدب الحديث في الحجاز بظهور كتابي أدب الحجاز والمعرض اللذين أصدرها المرحوم الشيخ محمد سرور الصبان وهما مجموعة مقالات وقصائد لأدباء الحجاز في ذلك العهد وقد شارك فيهما الأستاذ عواد رحمه الله مشاركة واضحة وكذلك بظهور كتاب "خواطر مصرحة" للأستاذ محمد حسن عواد وهو كتاب مستقل بذاته وجميع هذه الكتب ظهرت في النصف الأول من الأربعينات وفي أوائل العهد السعودي عام ١٣٤٥ هـ ولقد كان الأدب والشعر في هذه البلاد في حالة ركود تام والأدباء الذين ظهرت بعض آثارهم من قبل كانوا أدباء تقليديين أن صح هذا التعبير فالنثر تضيع معانيه بين ثنايا السجع، والشعر تغلب عليه المحسنات البديعية التي تحفل بالمبالغات والاستحالات، والجو الأدبي يخيم عليه الركود والانحلال في هذا الوقت بدأ شباب مكة وجدة ممن تعلموا في مدارس الفلاح خاصة يفتحون عيونهم على ما تحفل به الصحف المصرية من نثر وشعر وما تنتجه المطابع العربية من ثمرات القرائح والأفكار لأدباء العرب في مصر وسوريا ولبنان بل وفي المهجر فقد كانت هناك الرابطة القلمية ولها مجلة تصدر في نيويورك وكانت تنشر آثار الأدباء السوريين واللبنانيين المهاجرين في أمريكا كما تطبع مؤلفاتهم ومن أبرزهم جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وإيليا أبو ماضي وغيرهم.
وكانت هذه الصحف وتلك الكتب بما تحتوي عليه من أفكار وما تضمه من آثار تجد صدى عظيما في نفوس الشباب المتعطش للعلم والراغب في تجديد الحياة في جميع مجالاتها، فلما أتيح لهؤلاء الفتية من المتعلمين أن يعبروا عن رغباتهم وأفكارهم كان هذا التعبير ممثلا أولا في الكتابين اللذين أصدرهما المرحوم الشيخ محمد سرور الصبان وهما كتاب "أدب الحجاز والمعرض" وفي كتاب الأستاذ محمد حسن عواد "خواطر مصرحة" الذي هو موضوع هذه الحلقة، لهذا كان كتاب العواد في