السلفية منذ نشأ وقد أخبرنى المرحوم الشيخ عبد الرؤوف الصبان وكان من رواد مجلس الشيخ محمد نصيف كما كان من أوائل المتعلمين في ذلك العهد قال كنا نجلس في مجلس الشيخ محمد نصيف وكان يمر بنا جماعات الطرق الصوفية وهم يرقصون ويغنون وكان هذا في العهد الهاشمى قال فكنا نسفه آراءهم ونحصبهم بالحجارة، وحينما تم فتح مكة الكرمة في عام ١٣٤٢ هـ وأحاطت جيوش الملك عبد العزيز بمدينة جدة كان معروفا أن الشيخ محمد نصيف على صلة بجلالة الملك عبد العزيز وسواء أكان الخبر صحيحا أم مبالغا فيه فقد سجن الشيخ محمد نصيف ومعه الشيخ سلمان عزايه وغيرهم في الثكنة العسكرية خارج مدينة جدة إذ ذاك ولم يطل الأمر بهما فقد أطلق سراحهما بعد أيام قلائل ثم لم يمض طويل وقت حتى دانت مدينة جدة بالولاء لجلالة الملك عبد العزيز واتخذ جلالته كما أسلفنا من قصر الشيخ محمد نصيف مقرا لإِقامته على مدى سنوات حينما كان يحضر إلى جدة كل عام وهكذا بقى قصر الشيخ محمد نصيف يمثل الوجه المشرق لمدينة جدة منذ تأسيسه في أوائل هذا القرن وعلى مدى ما يزيد من ستين عاما ولولا أن الشيخ محمد نصيف كان رجلا مطبوعا على الكرم والفضل لما استطاع أن يقوم وحده بهذا العبء الذى لا يضطلع به الا الأفذاذ من الرجال.
هذا ولقد كان الشيخ محمد نصيف مرجعا لكثير من المعلومات التاريخية عن العهود التي عاصرها وهي كما ذكرنا تقرب من قرن كامل وإنى لأذكر حينما وصل ماء العين العزيزية إلى جدة عام ١٣٦٧ هـ أن أصدرت مجلة الحج عددا خاصا عن هذا الموضوع وقد كلفنى يومها معالى المغفور له الشيخ محمد سرور الصبان بكتابة بحث عن تاريخ الماء في مدينة جدة ولم أجد في مدينة جدة كلها إذ ذاك مصدرا لهذه المعلومات سوى الشيخ محمد نصيف رحمه الله وإنى لأذكر كيف كان يتدفق في حديثه عن تاريخ الماء في مدينة جدة بأسلوب يجمع بين حقائق التاريخ