للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جدة ولم يلبث هذا السجن أن تحول إلى مجمع شعبى كبير فقد تقاطر الناس صباح مساء لزيارة الشيخ محمد صالح في غرفته تلك معبرين عن تعاطفهم معه وحنقهم على من تسبب له في هذا الأذى وما هي إلا أيام قلائل أذن الله فيها بالفرج إذ أمر جلالة المغفور له الملك عبد العزيز بإعفائه من الغرامة وغادر الشيخ محمد صالح مكانه ذاك عائدا إلى منزله بين تكريم كل الناس ومحبتهم وابتهاجهم وهكذا عرف الشيخ محمد صالح مكانه في القلوب ولم يكن هذا المكان بالمجهول أو المنكور.

والمتتبع لتاريخ حياة هذا الرجل العظيم يجدها تشير في جميع أطوارها إلى حب الخير للناس ومساعدتهم وبذل العون لهم، ولقد قلنا في مقدمة هذا البحث أن الشيخ محمد صالح وأخاه الشيخ عبد الرؤوف كانا من الرجال القلائل الذين عاونوا الحاج محمد على زينل مؤسس الفلاح حين تأسيسه لمدرسة الفلاح بجدة وقد سبق لى أن تحدثت وكتبت عن الحاج محمد على زينل يرحمه الله أنه حينما فكر في تأسيس مدرسة الفلاح بجدة لم يكن قد حصل على ترخيص حكومى بافتتاح المدرسة وكان هذا في العهد العثمانى في عام ١٣٢٣ هجرية فلجأ هو وأصدقاؤه إلى أخذ التلاميذ من بيوت آبائهم في جنح الظلام ثم أعادتهم إلى بيوتهم بعد انتهاء الدرس، وأقول الآن أن من هؤلاء الأصدقاء الذين كانوا يقومون بهذا العمل النبيل الشيخ محمد صالح جمجوم وأخوه الشيخ عبد الرؤوف، وإذا علمنا أن الحاج محمد على زينل أسس مدارس الفلاح عام ١٣٢٣ هـ وكان من مواليد ١٣٠١ هـ أدركنا أنه كان وصحبه في أوائل العقد الثالث من أعمارهم أي بين العشرين والثانية والعشرين من العمر وهي سن باكرة جدا لا يقوم فيها بمثل هذا العمل العظيم إلا أولئك الرجال الذين وهبهم الله الغيرة على دينهم وأمتهم وهيأهم للقيام بالعظائم من الأمور وبعد الحصول على الترخيص الرسمى بافتتاح

<<  <  ج: ص:  >  >>