للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمرون بمدينة جدة في طريقهم إلى مكة أو المدينة وما أكثر الشناقطة المهاجرين بها، وما أكثر ما يفدون لأداء العمرة في رمضان أو لأداء فريضة الحج وكانوا يفدون بنسائهم وأطفالهم، أما النساء فتستقبلهن نساء الأسرة وأما الرجال فقد خصص لهم المكان بل الأمكنة التي ينزلون بها وكانت هذه الضيافة لا تقتصر على المأوى وإنما تشمل الطعام والشراب والكساء بل وقضاء الحوائج على اختلاف هذه الحوائج وأكثرها يقتضى بذل المال وبعضها يقتضى السعى في دوائر الحكومة لإِنجاز الأمور التي تقتضى الإِنجاز وكان الشيخ محمد صالح جمجوم بقلبه الكبير يرعى هؤلاء الوافدين ويتفقد أمورهم ويحقق مطالبهم حتى قيل مرة أن أحدهم تمنى عليه الزواج فحقق له ما طلب وهناك ناحية أخرى شاهدتها فلقد كان الميت يموت ويعجز أهله عن تجهيزه فإذا طلب من الناس العون أشاروا له إلى بيت الجمجوم ولقد سمعت أحدهم، وهو يقول ماذا تطلب منى؟ هل هنا بيت الجمجوم؟ كأنما كان بيت الجمجوم بيتا للمال في ذلك الزمان، أخيرا وليس آخرا فإن الشيخ محمد صالح جمجوم كان كما ذكرنا عميد بيت تجارى كبير وكان لهذا البيت التجارى معاملات كثيرة مع الناس وأخذٌ وعطاء وعملاء لهم حسابات مفتوحة وعليهم ديون كثيرة وكان مما عرف عن الشيخ محمد صالح جمجوم أنه كان ييسر على الناس فلا يثقل عليهم بالوفاء ولا يلح، وقد استغل بعض ذوى النفوس الضعيفة هذا الخلق العالى فاستمرأوا المماطلة واستباحوا عدم الوفاء فبقيت بذمتهم المبالغ الطائلة التي تبلغ الألوف المؤلفة من الجنيهات الذهبية وما لبثوا أن جاهروا بالامتناع عن الدفع مستأثرين بما وصل إليهم من هذا المال ليستخدموه في أعمال تجارية خاصة بهم آمنين أن أحدا لا يقاضيهم أو يزعجهم وهكذا كان، فلقد كان الشيخ محمد صالح يرفض كل الرفض فكرة المقاضاة أو الشكوى سواء للعملاء المماطلين أو للمستأجرين الذين يستبيحون السكنى في

<<  <  ج: ص:  >  >>