للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كانت ولا تزال أكبر موانئ الحجاز، وكان مقر الحكومة في مكة، ولكن الموارد كلها تأتى من جدة سواء من الرسوم الجمركية التي تمثل القسم الأعظم من هذه الموارد، أو من الضرائب التي كانت تجبى على وسائل النقل التي تتمثل في الجمال سواء ما كان منها خاصا بنقل البضائع أو الحجاج، وكان الشيخ محمد الطويل أشبه ما يكون بوزير كبير في عهد الدولة الهاشمية فإنى جانب رئاسته للواردات المالية الضخمة، كان يتولى تموين الحكومة بما تحتاجه من أرزاق ومستلزمات وكان الشيخ محمد الطويل بحكم منصبه الكبير وجاهه العظيم مقصودًا من الناس، وكان الرجل كريما عالى الهمة شهما ذا نجدة ومروءة فكان بيته مفتوحا للناس ويده مبسوطة لهم ورفده موصولا لكل طالب، فأحبه الناس وتعلقوا به، والتفوا حوله، ولم يكن يبذل للناس من ماله فحسب وإنما كان يبذل لهم من جاهه كذلك، حدثنى من أثق بروايته أن الشيخ محمد الطويل كان يتوجه إلى مكة لمقابلة الشريف حسين بن علي بين وقت وآخر حسب متطلبات منصبه. وكان أهل مكة يترقبون مقدمه حيت ينزل في بيت باناجه - في باب علي - هذا البيت هدم وأدخل مع غيره في التوسعة الجديدة للمسجد الحرام فإِذا قدم وفدوا عليه بحاجاتهم وكان أكثر هذه الحاجات طلب وساطته لدى الشريف للعفو عن الغرامات وإطلاق المساجين وكان الشريف الحسين رحمه الله مشهورا بصرامته وشدته في هذه الأحكام، وفى إحدى زياراته لمكة تجمع لديه حصيلة من هذه الوساطات فجمع أوراقها وكتب معها رقعة موجهة للشريف قال فيها ما معناه - إن ما حبانى به جلالتكم من عطفه وما شرفنى به من خدمته جعلنى مقصدا للناس ومحل حسن ظنهم وإنى أقدم لجلالتكم ما قدم به على الناس من مطالب فإن رأيتم أن تكرمونى بالعفو عنهم فليس هو بكثير على جلالتكم قال الراوي وقد استجاب الشريف لهذا الطلب فأطلق المسجونين وعفى عن الغارمين "وفى عام

<<  <  ج: ص:  >  >>